أهلاً بكم في أطلس شعبي. تحتوي صفحات المشروع على عناصر غير متاحة للعرض عبر شاشة الهاتف المحمول. لذا، لضمان حصولك على أفضل تجربة، نوصي باستخدام حاسوبك أو شاشة الكومبيوتر.


في كل صباح ومع إشراقة شمس جديدة، تخرج رقية لتساعد والدها في أعمال الحقل، وتعود إلى المنزل عند الغروب.
رقية طالبة في الصف السادس الابتدائي، ومع ذلك تقضي معظم يومها تعمل في الحقل تمامًا مثل الكبار في عائلتها. هي لا تدرس إلا في وقت فراغها. وبينما يقضي من هم في مثل سنّها أيامهم في اللعب والمرح، تجد هي فرحتها في مساعدة والدها.
إلى جانب عملها في الحقل ودراستها، لدى رقية شغف خاص بالتزلج.
اكتشفت الأمر لأول مرة خلال مهرجان أقيم في القرية، حينها شاهدت الأطفال ينزلقون بابتسامة واسعة في ساحة صغيرة لتأجير الزلاجات. تلك اللحظة أشعلت شيئًا بداخلها، وجعلتها تتوق لتجربتها بنفسها.
وبرغم حبها للتزلج، تواجه كثيرًا من التعليقات التي تعكس تقاليد مجتمعها الريفي المتأصلة، مثل ثِقل النظرات الرافضة:
"أنتِ فتاة، هذا غير لائق."
أو الرفض لكل ما هو مختلف:
"توقفي عن اللعب، افعلي شيئًا مفيدًا.
"لم يبقَ في ذاكرتي من الطفولة سوى اللعب، وكنت أظن دائمًا أنه قدر يشترك فيه جميع الأطفال… إلى أن التقيتُ برقية.



التقيت رقية لأول مرة بالصدفة، عندما خرجت ألتقط صورًا للمناظر الضبابية في محافظتي، فشدّني شعرها الأحمر المضفور والذي بدا لي ساحرًا وسط هذا المشهد من الطبيعة.
أخبرتني أنها تبلغ من العمر اثني عشر عامًا. وعلى الرغم من صغر سنها، يبدأ يومها مع كل شروق شمس، إذ تُجهّز كل صباح حصانها "سُكّر"، رفيقها اليومي، وتربطه بالعربة قبل أن تنطلق إلى الحقول. تقول مبتسمة: "أحبه كثيرًا، أركب على ظهره وأتجول في صحبته."
منذ أن ترك إخوتها الزراعة، أصبحت رقية تساعد والدها في الحقول.
ترسم رقية كلما وجدت وقتًا، وبأي شيء يتوفر أمامها، مثل هذه المرة حين كانت ترسم على ورقة شجر. ترسم ما تراه حولها من الأشجار والمياه والحقول الخضراء. سألتها مرة إن كان عندها كتابات أو ملاحظات يمكنني تصويرها، فأجابت: "أنا أحب الرسم أكثر."
في أحد الأيام جلسنا نخيط معًا، كنت قد أحضرت بعض الصور لنعمل عليها. ظلت تنظر إلى صوري باستمرار، وعلامات الضيق واضحة على وجهها. وبعد صمت طويل سألتها ما المشكلة؟ فكانت إجابتها أنها شعرت أن صورتها لم تكن بجودة صوري. لم نلتقط الكثير من الصور ذلك اليوم.


في زيارتي الثانية لـرقية وجدتها أكثر بهجة وسعادة من قبل. سألتها عن السبب، فقالت إنها لأول مرة ترى أطفالًا في مثل سنها يلعبون بالزلاجات، يضحكون ويمرحون. تبعتهم بفضول، واكتشفت مكانًا يؤجّر هذه الزلاجات. جرّبتها بنفسها، ووصفت لي التجربة بأنها كانت تجربة رائعة وسعيدة جدًا.


"يا رب بحق حبيبك النبي يكون مفتوح."
هذا الدعاء تردده رقية دائمًا قبل أن تخطو نحو محل تأجير الزلاجات، على أمل أن تجده مفتوحًا، لأن أصحابه غالبًا ما يكونون مشغولين بدراستهم. فبالنسبة لها، هذا المكان هو ملاذها."
أستطيع الركض الآن، لم أعد خائفة كما كنت من قبل."
بعد محاولات عديدة للتزلج، باتت رقية تشعر بالثقة في حركتها. لكن حين تقف أمام باب المحل، يقترب منها حازم، صاحبه، ويقول:
"عليكِ أن تخبر والدك ووالدتك، أنتِ لا تستطيعين الخروج بمفردك الآن."


في سن الثانية عشرة، وجدت رقية نفسها مطالبة بأن توازن بين توقعات عائلتها ودراستها. تتحدث أحيانًا بنبرة ناضجة تفوق عمرها، لكنها ما زالت تجد بعض المساحات التي تسمح لها بأن تكون طفلة، حيث تتزلج بحرية كأن لا أحد يراها، وتغضب حين لا تكون غرزها في أعمال الخياطة متقنة كما تريد.
