أعظم
الأشياء
نمتلكها ولا نملكها
بواسطة ميرنا عباس
هذا المشروع رحلة بصرية وإنسانية عبر ثلاث مراحل عمرية مختلفة لأبطال أعادوا لي تعريف الموهبة من جديد بعيدا عن قوالبها الجاهزة.
رحلة تطرح مجموعة أسئلة وتبحث في داخلنا عن الإجابة
إيه معنى الموهبة؟ وهل كلنا فعلا موهوبين؟ ولازم الموهبة دي يكون معترف بيها من الناس ومصنفة فعلا كموهبة ولا يكفي إنها تكون ضوء ينير طريق صاحبها وتجعل لحياته معنى؟













عم حازم المصوراتي
الموهبة لا تعني أن تكون الأفضل ولكن أن تجد شيئا تستمتع به وتتفوق فيه – كاثرين هاردي
وأخيرا التقيت بعم حازم على كورنيش دمياط , لقائي به كان سريعا وغير مرتب له لأنه لا يملك هاتف محمول وليس لديه استوديو خاص به وبعد بحث واسئلة الكثيرين وبمساعدة السوشيال ميديا عرفت أين يمكنني أن أجده يوم الجمعة بعد الصلاة حيث يصلي في مسجد صغير في وسط المدينة ثم يأخذ دراجته ويتجول على الكورنيش مناديا " صور صور حد ليه صور؟"
عم حازم بالنسبة لي رجل تجاوز الزمن وأصبح عالقا بين ذكريات الصغار والكبار حتى أنه لا يوجد شخص في مدينتنا لا يعرفه ولا يمتلك صورة على الأقل في ألبوم ذكرياته من تصوير عم حازم (وبالطبع أنا واحدة منهم )
منذ عام 1970 وهو يجول المدينة يوثق ذكريات أبنائها مع عدسته ودراجته و كلمته الأشهر " ابتسم" فابتسم له الكبار والصغار ولم يخيب أحد طلبه يوما
عندما سألته هل حققت من التصوير ما تمنيت ؟
أخبرني أن التصوير جعله يمتلك أثمن الأشياء التي لا تقدر بمال وهي حب الناس.
أعتقد أننا مؤخرا اعتدنا على نسخة واحدة من النجاح أن تملك الكثير من المال والشهرة وتكتب عنك الصحف والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي ,لكن نجاح عم حازم كان مختلفا فلم يحقق الصورة النمطية تلك وانما صنع أثر عظيما في نفوس كل من عرفوه.
عم حازم هو مثال للموهبة حين تنضج وتتحول إلى فلسفة حياة , لم يكن يوما التصوير هو مهنتنه فقط وإنما وسيلته لإسعاد الناس والحفاظ على الزمن من النسيان, فهو يلتقط الصور ليكون شاهدا على الزمن.
من خلال عم حازم نفهم المعنى الحقيقي للموهبة. أن تجد ما يشبهك, أن تفعل ما تحب, وأن تترك أثرا لا يراه الناس بالعين لكن يشعرون به في قلوبهم.
وفي النهاية أتمني أن يجد كل إنسان ما يحركه , ما يجعله يستيقظ كل صباح وهو شاعرا أنه مهم ومميز ومؤثرا في هذا الكون الواسع.
ربما الرحلة لإيجاد الضوء في داخلنا ليست بهذه السهولة .. لكن الأكيد أنها تستحق.












إبراهيم
"لموهبة الحقيقية تظهر عندما يكون لديك شغف لأمر ما ورغبة عميقة في أن تصبح الأفضل فيه حتى وإن كانت البيئة المحيطة بك لا تدعمك" ويليام شان
في أحد أحياء مدينة دمياط, قابلت إبراهيم.
شاب في الخامسة والعشرين من عمره يشبه جيل كامل من الشباب جميعهم يبحثون عن طريقة للتعبير عنهم وعن أحلامهم , وأنا واحدة منهم ومشروعي هذا هو وسيلتي للتعبير عني وعن جيلي.
أما عن إبراهيم فلم يجد لغة أصدق من الموسيقى ليستخدمها, فقد أخبرني أنها الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يعبر به عن أشياء لا يستطيع البوح بها.
إبراهيم مثلنا جميعا جاء مدفوعا إلى هذا العالم دون أن يسأل , لم يكن هناك من يرشده لطريقة يحقق بها أحلامه ولم يكن هناك من يريه كيف يصنع من الحطام شيئا ذا قيمة ولكنه وجد الضوء في نفسه وبنفسه.
يحاول إبراهيم رغم انعدام الإمكانيات وقلة الفرص أن يستمر في العزف و في الحلم لأن الإنسان في النهاية ليس بما يملك بل بما يحب.












مهند
أحيانا لا نكتشف مواهبنا الا عندما نكون في حاجة إليها " باربرا شير
في مصيف رأس البر بمدينة دمياط التقيت بمهند.. طفل الرابعة عشر الذي لا يعرف عن طفولته سوى عربة البطاطا التي يعمل عليها طوال فصل الصيف.
لم يتعلم مهند القراءة والكتابة في قريته الذي جاء منها في محافظة أسيوط ولم يفهم قصدي حين سألته عن موهبته وكأن الكلمة لم تدخل قاموسه يوما , وبعدما تحدثنا عن قريته و أهله وأصدقائه وكيف يقضي اوقاته في المدينة الساحلية التي هي بالطبع لا تشبه مدينته في الصعيد ,حكى لي عن شيء بالصدفة لمس شيء ما في داخلي. "أنا بعرف أعوم من غير ما حد يعلمني، جيت راس البر لقيتني بعوم لوحدي وبحب أكون موجود دايما على الشط عشان أساعد أي حد بيغرق وأنقذت ناس كتير أوي على فكرة".
كأنه يجسد معنى الموهبة حين تنبع من الحاجة، فهو لم يسع لاكتشافها ولم يحلم أن يصبح بطال أوليمبيا ولا يريد سوى أن يظل هكذا، يعوم لينقذ الآخرين فهذا ما يسعده كما أخبرني. موهبة مهند كانت فيما يفعله بدون مقابل ليساعد به آخريين لا يعرفهم ولا يعرفونه.