أهلاً بكم في أطلس شعبي. تحتوي صفحات المشروع على عناصر غير متاحة للعرض عبر شاشة الهاتف المحمول. لذا، لضمان حصولك على أفضل تجربة، نوصي باستخدام حاسوبك أو شاشة الكومبيوتر.

غنوة أم محمد

StitchSingStitchSing
بواسطة أحمد منصور
في أحد الأزقة الهادئة، تعيش أم محمد، امرأة في الخمسين من عمرها، تحمل على عاتقها عبء الأمومة ومسؤوليات البيت والعمل. تربي ولديها بمفردها بعد أن افترق بها الطريق عن شريك حياتها. ومثل كثير من النساء، وجدت نفسها وسط ضغوط الحياة اليومية، بين هموم لقمة العيش واحتياجات الأطفال، حتى أصبحت حياتها كخيوط متشابكة في محل الخياطة الذي تعمل فيه.

لكن خلف نظراتها الهادئة وابتسامتها التي تحمل بقايا تعب، كانت هناك قصة أخرى. طفلة صغيرة بشعر مضفور حلمت يومًا بالغناء، لكنها كبرت وسط أصوات المجتمع التي تردّد: "عيب"، و"ممنوع"، و"حرام"، حتى كادت تلك الطفلة أن تختفي. لكن في قلب أم محمد، لم تمت الطفلة. رغم العمر الذي مضى، والالتزامات التي تراكمت، كانت تلك الطفلة لا تزال تنتظر فرصة لتغني، لتخرج إلى النور.

وسط كل هذه الصعوبات، اكتشفت أم محمد أن أحلام الطفولة لا تختفي، بل تنام بداخلنا وتنتظر اللحظة المناسبة لتستيقظ. ومع فريق الكورال الصغير الذي انضمت إليه، بدأت تلك اللحظة. وسط أغنيات بسيطة وتدريبات متواضعة، كانت أم محمد تستعيد شيئًا أكبر من مجرد صوت. كانت تستعيد تلك الطفلة التي طالما أرادت أن تحلّق.

أم محمد وماكينتها القديمة للخياطة التي كانت بمثابة عكاز لها خلال ضائقتها المالية.

A final glance at the house before leaving, from the room of her sons, who were both serving in the military at the time. In the first frame on the right, she’s seen holding her son’s military shirt, which she misses dearly, he’s been away for a month now. The fabric carries the scent of his absence, and in that quiet moment, the weight of longing gently settles in the room.
وفي كل مرة تقف فيها أمام المرآة، وهي تمسك بالقماش الذي تعمل به، ترى نفسها كما كانت منذ عقود. ترى ضفائرها الصغيرة التي نسجتها الأيام، وتحلم بمرحلة جديدة من حياتها، حيث تتحرر من قيود المجتمع، وتحقق ما كان يبدو مستحيلاً.

قصتها ليست مجرد قصة امرأة تقاوم الضغوط، بل هى قصة انتصار على الخوف من أحكام الأخريين. حلمها بالغناء، الذى أتى بعد الخمسين، أصبح رسالة إلى كل امرأة أو شخص نسي الطفل الذى بداخله. هى دليل حى على أن العمر والظروف لا يمكن أن يقفا حاجزًا أمام الحلم. وأن الأمل موجود مهما تأخر.

أم محمد، تلك الطفلة التي لم تكبر، تغني الآن، ليس فقط لنفسها، بل لكل من يريد أن يستعيد حلمه المنسي.

أم محمد تستعد وتضع قليلاً من المكياج بينما تتحضّر لأحد تدريباتها مع الفرقة.

نظرة أخيرة إلى المنزل قبل المغادرة، من غرفة أبنائها اللذين كانا كلاهما يخدمان في الجيش في ذلك الوقت.

بدأت أم محمد مؤخرًا تتدرب مع فريق كورال محلي، حيث وجدت ملاذًا لإحياء حلمها القديم. ومع كل تدريب، كانت ثقتها بنفسها تزداد، حتى لاحظ قائد الكورال موهبتها الفريدة. وخلال وقت قصير، اختارها لتغني منفردة في إحدى العروض القادمة، مبهورًا بجمال صوتها الطبيعي وصدق إحساسها.
كانت تلك اللحظة هي الانتصار الحقيقي، ليس فقط لفريق الكورال بل لأم أحمد نفسها. فبعد سنوات من الصمت استطاعت أن تجعل صوتها، وصوت الطفلة التي بداخلها، يُسمع عاليًا.